الأثر الرقمي: كل ما تتركه خلفك

ببساطة، الأثر الرقمي هو مجموع كل الآثار التي تتركها عند استخدامك للإنترنت. ويشمل ذلك المحتوى الذي تنشره بنفسك، مثل تحديثات وسائل التواصل الاجتماعي، تعليقاتك على المدونات، والصور ومقاطع الفيديو التي تشاركها. ولكنه يمتد أيضاً ليشمل ما ينشره الآخرون عنك، مثل الإشارة إليك في صورة، أو ذكر اسمك في منشور.

يمكن تقسيم الأثر الرقمي إلى نوعين رئيسيين:

  • الأثر الرقمي النشط (Active Digital Footprint): وهو البيانات التي تشاركها بوعي وإدراك. على سبيل المثال، عندما تنشر صورة على انستغرام، أو تكتب تغريدة على تويتر، أو تملأ نموذجاً عبر الإنترنت، فأنت تساهم بشكل نشط في بناء بصمتك الرقمية.
  • الأثر الرقمي غير النشط (Passive Digital Footprint): وهو البيانات التي يتم جمعها عنك دون وعي كامل منك. ويشمل ذلك عنوان بروتوكول الإنترنت (IP Address) الخاص بك، وسجل البحث الخاص بك، والمواقع التي تزورها، مما يسمح للمعلنين والشركات بتكوين صورة عن اهتماماتك وسلوكياتك.

لماذا يجب أن نهتم بأثرنا الرقمي؟

قد تبدو بعض هذه التفاصيل غير مهمة، ولكن بمرور الوقت، تتراكم هذه الآثار لتشكل ملفاً رقمياً شاملاً عنك. هذا الملف يمكن أن يؤثر على حياتك بطرق عديدة ومفاجئة:

  • السمعة الشخصية والمهنية: أصبح من الممارسات الشائعة لأصحاب العمل والجامعات البحث عن المتقدمين عبر الإنترنت. يمكن أن يؤثر ما يجدونه على قراراتهم بشكل كبير. صورة غير لائقة أو تعليق غير مسؤول قد يكلفك فرصة عمل أو مقعداً دراسياً.
  • الخصوصية والأمان: كلما زادت المعلومات التي تشاركها عن نفسك، زادت عرضتك للمخاطر الأمنية مثل سرقة الهوية والاحتيال الإلكتروني.
  • تشكيل الانطباعات: يشكل أثرك الرقمي انطباعاً أولياً عنك لدى الآخرين، سواء كانوا أصدقاء محتملين، أو زملاء عمل، أو حتى شركاء في المستقبل.

بناء سمعة رقمية إيجابية: خطوات عملية

1- فكر قبل أن تنشر: قبل مشاركة أي شيء، اسأل نفسك: هل سأكون سعيداً إذا رأى هذا المحتوى صاحب عملي، أو جدتي، أو أي شخص في العالم؟ إذا كانت الإجابة لا، فمن الأفضل عدم نشره.

2- راجع إعدادات الخصوصية: تحقق بانتظام من إعدادات الخصوصية على حساباتك في وسائل التواصل الاجتماعي. حدد من يمكنه رؤية منشوراتك ومعلوماتك الشخصية.

3- ابحث عن اسمك: قم بإجراء بحث دوري عن اسمك على محركات البحث لترى ما يظهر. إذا وجدت معلومات غير دقيقة أو مسيئة، حاول معالجتها.

4- احترم الآخرين: كن محترماً في تعليقاتك ومناقشاتك عبر الإنترنت. تجنب الدخول في جدالات حادة أو استخدام لغة مسيئة. تذكر أن ما تكتبه يعكس شخصيتك.

5- ابنِ وجوداً إيجابياً: استخدم الإنترنت لتسليط الضوء على اهتماماتك ومهاراتك. شارك في نقاشات بناءة، وانشر محتوى مفيداً، وساهم في مجتمعات إيجابية. يمكنك إنشاء مدونة أو ملف شخصي مهني على منصات مثل LinkedIn لعرض إنجازاتك.

في الختام

إن أثرنا الرقمي هو جزء لا يتجزأ من هويتنا في القرن الحادي والعشرين. إنه السيرة الذاتية التي نكتبها سطراً بسطر مع كل تفاعل رقمي. من خلال الوعي والمسؤولية، يمكننا التأكد من أن هذه السيرة الذاتية تروي قصة إيجابية ومشرقة عنا، وتعكس أفضل ما فينا في العالم الرقمي والواقعي على حد سواء.

By Taha Nasr

د.طه محمد نصر مدير مكتبة مصر العامة بالمنيا دكتوراه في تخصص المكتبات والمعلومات - مرتبة الشرف الأولى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *