تخيل أنك تجلس مساءً في مقهى صغير، وفجأة يخبرك صديقك عن تطبيق جديد اسمه Neon.
يقول لك: “تخيل! مجرد أن تتكلم بالهاتف… وتُسجّل مكالماتك… والتطبيق يدفع لك المال مقابل ذلك!”
فكرة غريبة، أليس كذلك؟ لكن غريبها كان جاذباً. عشرات الآلاف اندفعوا لتحميل التطبيق، وكأنهم عثروا على منجم ذهب رقمي.
بداية الحلم
المؤسس، أليكس كيام، شاب طموح درس في ستانفورد وهارفارد وأكسفورد، ويبدو أن سيرته كانت كافية لإقناع الناس أن Neon مشروع واعد.
آلية الربح كانت بسيطة ومغرية:
- 0.30 دولار للدقيقة إذا تحدثت مع مستخدم آخر للتطبيق.
- 0.15 دولار للدقيقة مع أي شخص آخر.
- مكافآت تسجيل وإحالة تصل إلى عشرات الدولارات.
كثيرون فكروا: لماذا لا أجني المال وأنا أتحدث يومياً مع أصدقائي وعائلتي؟
الصعود الصاروخي
في أيام قليلة فقط، صار Neon حديث الشارع الرقمي:
- قفز إلى المرتبة الثانية في قائمة التطبيقات الاجتماعية بمتجر آبل.
- حقق 75 ألف تحميل في يوم واحد.
- أصبح تريند على تويتر وتيك توك.
البعض بدأ يخطط كيف سيجني مئات الدولارات شهرياً من محادثاته اليومية. بدا وكأن الحلم أصبح حقيقة.
لحظة الحقيقة: حين انكشف المستور
لكن، وكما في كل قصة مثيرة، جاء الانعطاف الحاد.
في 25 سبتمبر 2025، فريق TechCrunch كشف ثغرة أمنية صادمة:
- أي مستخدم يمكنه الدخول على أرقام هواتف الآخرين.
- الاستماع إلى تسجيلات كاملة لمكالمات خاصة.
- قراءة النصوص المكتوبة لهذه المحادثات.
- وحتى الاطلاع على تفاصيل الأرباح التي حققها كل شخص.
تخيل أن محادثة خاصة مع شريك حياتك أو طبيبك يمكن أن تصبح متاحة لشخص غريب في أي لحظة!
الانهيار المفاجئ
في ساعات قليلة، انهارت صورة التطبيق. أليكس كيام أوقف الخوادم بسرعة وأرسل رسالة يقول فيها:
“خصوصيتكم هي أولويتنا القصوى… سنوقف التطبيق مؤقتاً لحين إضافة المزيد من الأمان.”
لكن الرسالة لم تجب على الأسئلة المخيفة:
- هل تسربت البيانات فعلاً؟
- من الذي اطلع على المكالمات؟
- هل هناك ضحايا بالفعل؟
الغموض زاد الطين بلة. الثقة ضاعت، والذعر انتشر.
الدرس القاسي: الثمن الحقيقي للخصوصية
وراء بريق الأرباح السريعة، كان هناك وجه مظلم:
- Neon كان يجمع كل بياناتك تقريباً: من أرقامك، إلى مواقعك، وحتى تسجيلاتك الصوتية.
- منح نفسه الحق في تعديل هذه البيانات وبيعها وتوزيعها بلا حدود.
- وضع مستخدميه في مواجهة مباشرة مع قوانين تسجيل المكالمات التي قد تُعرضهم للمساءلة القانونية.
في النهاية، تبين أن “الدولارات السهلة” كانت مجرد فخ.
النهاية المفتوحة
اليوم، التطبيق مغلق. لا جدول زمني للعودة. والناس الذين وثقوا به وجدوا أنفسهم أمام درس مؤلم:
الخصوصية لا تُشترى ولا تُعوّض، وأحياناً لا يساوي الذهب الرقمي ثمن أسرارك.
ما الذي نتعلمه من قصة Neon؟
- أي تطبيق يطلب بياناتك الصوتية أو رسائلك الخاصة يجب أن يُقابل بالشك.
- اقرأ دائماً سياسة الخصوصية قبل أن تضغط “موافق”.
- تذكّر: الخصوصية أغلى من أي دولار، ومن يفرّط بها يخسر نفسه قبل أن يخسر ماله.
- إذا سجّلت مكالمة، كن شفافاً مع الطرف الآخر.
